Wednesday, November 15, 2017

من كتاب مرسالله: إلى ماما مريم أم يسوع


 امي الإلهة:

 لم الله خلقنا اطفال ثم نكبر،لمَ لم يخلقنا كباراً من دون أن يكون لنا دور في الطفولة؟! لما كنا بحاجة لأم تحضننا ولا لأب يحمينا؟!!
ولكني عرفت أنني لو لم أكن طفلة لما كان لي أم تحضنني، وتدلعني وتضمني.. ولا أب يحميني، وكنت يتيمة من الحنان، والرأفة والحب...والرحمة.

أمي غير عن كل الأمهات:
مستحيل أن تشرق الشمس وما تضوّي 
ومستحيل أن تشرق صورتك ورسائلك وما تنوري.
حضنتني في طفولتي، ورافقتني في شبابي، غمرتني بشرائع مواهبها الروحية وعلمتني أموراً إنسانية.
فرّحتني بعطائها، وزودتني بتعاليم إلهية لتتبعها النفوس البشرية.
بطرقها وأساليبها الروحية، روتني بأمورها اللاهوتية وثبتتني ابنتها الأزلية.
علّمتني أن لا أسألها العطف عليَّ، لأن صلابتها وصرامتها تجعلني شابة وقوية.
من ثم نظرت إليّ وقالت: اذهبي يا ابنتي إلى عملك، الحياة لكِ، لا تلتفتي إلى الوراء، إلاّ لتري مَن يتبعك بحرية ومن دون قيد وتقاليد وهمية!
بدأت بالعمل يومياً وكلما أحسست بحاجة إلى دفئها ولمرافقتها في محاضراتي عن الأمور الروحية.
أحسّ بأنها تواسيني وتشجعني لأكمل مسيرتي الرسولية.
أخذت أسعى وأناضل لأحرّك النفوس البشرية لترجع إلى الحياة الروحية.
نجحت في توصيل أمومة وبنوة شرائع المواهب الروحية، واخبرتهم عن حرية النفس وشجعتهم على الخروج من الطائفية.
فتهجم الناس عليّ وشنّوا حروباً واتهموني بالمشعوذة التي تحرّض النفوس على الإنفتاح ليتركوا العبودية.
ومع مرور الزمن أثبتت من وجودي الإنساني الوجود الإلهي، لأني تكلمت عن الوحدة الإنسانية للنفوس البشرية.
وبدأت مرحلة الفكر والعقلانية فكانت بداية لحياتي الإستقصائية، لأبرهن  للنفوس البشرية أن الجهل أفقدَكم حسّ الإنسانية.
أسست عائلة تعرف بأن الهيكل رمز للبداية الملكوتية.  
وهكذا علّمت صغاراً وكباراً ان العبادة لله تكون بالفهم والإنفتاح وتكوين الشخصية الكونية.
وأوصلت وصية أمي التي دعتني ابني كنيسة من النفوس البشرية وليس من الأحجار والذهب والماس والمقاعد الخشبية.

أمي غير عن كل الأمهات:
علمتني أن أخلق حياةً تخصني لكي تكون لي حياة أزلية.
علمتني بأن أحب جميع الناس بالتساوي لأن الذي يجرح يكون متألماً والذي يحترم يكون متأنياً.
علّمتني أن لا أبني قبوراً للجثث بل هياكلٍ للأحياء.
علمتني بأن الإنسانية تبنى على الأخلاق والقيم وليس على بناء من الأحجار.
علمتني أن الحياة لا تطلب مني العبودية بل تطلب مني الحرية والإستقلالية في الحياة الشخصية.
علمتني أن لا أكون طائفية وأفسد أموري الحياتية في التبعية لتقاليد وعقائد تكون ضد الحياة الإنسانية.
علمتني أن اسعى جاهدة للتوعية الذاتية لدى النفوس المنجرفة اخلاقياً.
علمتني أن أكتب عن حبي للفنون، وأن افرح مع الطيور وأطير مثل الفراشات في الحقول.
علمتني أن أكون سماء على الأرض وأن أكون ارضاً في السماء.
علمتني أن الليل ليس ظلاماً بل أمان واستعداد ليوم جديد.
واوصتني أن في 16 تشرين الثاني 2002 يكون ذكرى لبداية رسالتها.

ابنتك غير عن كل الأولاد إلى أمي التي هي غير عن كل الأمهات.
ابنتك تممت وطبقت المسيرة الرسولية، عن أمومة وبنوة شرائع المواهب الروحية، والآن أقدم لكِ مسيرة الوحدة الإنسانية بحسب النظام الكوني.
لا أقبل أن أقدم لك هدية مادية فساتين واكسسوارات وروائح عطرية، وهذا لأنك زينة الحياة الأزلية.
لا أقدر أن أتمنى لك الحب، والسعادة والصحة والعناية والتحمل والصبر والحياة الجميلة لأنك كمال الجمال،وأيقونة للتبارك الأبدية.
لا أقبل أن أقدم لك شمعة ووردة جورية... لأنك الحياة وكامل الحرية.
اعتقدت لكي تبقي تحبيني أنه يجب علي ابقى بقربك تحضنيني، ولكني فهمت، صحيح إني لست بقربك وهذا لأني في قلبكِ.
أقول هذا للذين أن لديهم فكرة خاطئة عن الأم لديهم فكرة خاطئة عن الحب الأمومي.
كل كوناً وأنت بدايتي، كل حاضر وأنت مستقبلي، كل زمن وأنت دهري، كل فكرة وأنت كلمتي. 
ما أحب إليّ أن تعرفوا بأني أحببت الجميع بحرية من دون ضغط ولا طائفية ولا الإسم على الهوية بل احببتكم لأنكم مخلوقون من الألوهية.
ما أحب إلي أن تعرفوا بأن علاقة الأم بابنتها لم تتوقف يوماً وهذا لأن الإتصال ليس جسدياً بل روحي.
اقبلي مني هذه الهدية يا أمي التي غير عن كل الأمهات:
قدمت لي حياة فخلقت منها حياةً يقودها عقلي وفكري
عن ماهية الوحدة الإلهية في الإنسانية.
لك فائق الإحترام يا امي الإلهة.


مرسالله