Sunday, March 5, 2017

مأخوذة من كتاب مرسالله: الصوم هو انجذاب الجسد إلى غذاء الفكر




هل يجب أن تجوعوا لكي يقال إنكم صائمون؟
هل يجب أن تذلَّوا أجسادكم لكي يقال إنكم مؤمنون؟
وهل التوقف عن الأكل، وقهر الجسد والضغط والسيطرة عليه، يقرّبكم من الله؟
فهل إذلال الجسد وامتناعه عن ما يحبه يوصلكم إلى مبتغاكم؟
من قال لكم  أن الذي يرفض ويمتنع عن امورٍ يحبّها يكون يتقرّب من الله؟
تقرّرون جَلدَ الجسَد وتدميره وإذلالِه واجبارِه على أشياءَ ليست من شريعة الله، بينما هو السببُ في أظهار أفكاركم وكلماتكم وأحاسيسكم.... أن الجسد هو العاملَ والمجاهد والمكافَح والمثابر... بالرغم من كل هذا تعتبره نفوسكم "حماراً" تحمّله أخطاءها وتمنعه عن ما يحبه وتعاقبه في التجويع ثم تستغلون هذا الصيام بـ "أنه نظام غذائي للتخسيس أي لفقدان بعض الوزن"....
عندما تتوقفون عن نظام الأكل ،خلال ساعات، يشعر البطن بالجوع وهو إحساس بنقص في الطاقة التي يحتاج إليها الجسم، لكي يتمكن من مواصلة نشاطه اليومي كالمعتاد. وهكذا تكونون تفرضون على أجسادكم الطاعة لكم وكأنكم تنتقمون منها.
الله لم يخلق الجسد لقهره ولا لإذلاله ولا لإستعباده بل لإحترامه لأنه وسيلة لإتمام وتطبيق أعمالكم. لا تعتقدوا بتجويعه هذا أنكم تستقيمون وكأن جسدكم هو السبب في عدم تقرّبكم من الله. إنه الصورة التي خلقها مسكناً لروحه وبنكرانكم لذلك تكونون تحاربون صورة الله الكائنية.
لا يمكن أن تجوّع جسدك بهدف التقرّب من الله،لأنه حينها سيتوقف تفكيرك وتتعطل لغة الكلام، وتفقد توازنك، ويخف سمعك... فلا يعود هدفك تقرّبك من الله بل سيكون انشغالك ببطنك، الأكل والشرب عِوَضَاً عن فكرك. لذلك لا يمكن أن تضرب جسداً عاملاً مجتهداً... فمن هنا يجب أن تفهموا بأن الذي تفعلونه خطأ. فلا تبقوا مصلوبين في هذا المعتقد الخاطئ.
الجسد ليس عبداً لكم ،بل هو يطبق ما تشتهيه نفوسكم.  
الصوم ليس مجرد شكليات ورسميات، ولا هو مجرد فروض أو طقوس، ولا أحد يقدر أن يفرض عليكم وقتاً لذلك، سوى أفكاركم.

لذلك الصوم هو للمفكرين، كيف؟
حكمتي هي:
لا يجب أن نتوقف عن الأكل لنفكر ،بل نفكر فيصوم الجسد. لأنه في هذه الحالة فقط يكون يعمل وفقاً للفكر وبإرادته من دون أن يتعذب...كيف؟
عندما تفكرون يكون الجسد ملتزماً في تفكيركم عندها يصوم. وهذا ،لأن الفكر الذي يجعل الجسد يصغي ،وكأنه في حالة انتظار.
وعندما يكون الفكر منشغلاً، يستمد الجسد غذاءه منه،فيسمو فوق المادة والطعام،فيكون تمهيداً لبدء الجاذبية للفكر.
وعندما الجسد ينجذب للأفكار يترفع عن شهوته للأكل.
إذاً، الجسد يصوم من تلقاء ذاته،عندما الفكر يجذبه إليه،لأنه يستمد غذاءه منه.لذلك عندما تمنعون عنه الأكل وتجوّعونه بهدف التقرّب من الله، ولا يوجد بديل لتغذيته من الفكر، تكونون بذلك تقضون على من يحمل أعمالكم ويعمل، على من ينقل أحاسيسكم لتشعروا بالآخرين....

*فالصوم هو انجذاب الجسد إلى غذاء الفكر.
يجب عليكم احترام الجسد لأنه يحمل كل تصرفاتكم، وأحاسيسكم وأفكاركم...وينقلها إلى الآخرين فهو الوسيط في توصيل وتتميم كل ما ترغبون به.
فما أريده منكم ،هو أن تكفّوا عن معاملة الجسد ومعاقبته وكأنه هو السبب لأخطائكم. فإنه بحسب الشريعة يعرف حقوقه في الصوم.  
لذلك،لا توجد أوقات أو أزمنة يحدّدها أشخاصٌ لكم للصيام، بل كل شخص يقرر ويحدّد صيامه وفقاً لفكره.

*الجسد هو رفيقك في الحياة على الأرض هو الذي يعمل ويجاهد ويناضل ويكافح... لكي نفوسكم تتجدّد في الحياة.
لا يجب التوقف عن ما تحبونه أو يحبه الجسد ويطلبه من أكل، لأن هذه حاجته لإستمراره بل يجب أن تكرّموا وتقدّروا ما تحبونه،بذلك تكونون تفعلون الصواب وتتقرّبون من الله.
وإذا امتنعتم عن ما تحبونه من الأكل،فلا يكون هذا صياماً بل كرهاً لأنكم بذلك تتعلّمون كيف تكرهون وليس كيف تكرّمون الذي تحبونه.
لذلك يسوع كان يفكر وجسده منجذب إلى فكره فلم يطلب الأكل ولا الشرب ولا المقتنيات ولا الأملاك...إلا الأفكار التي كان يفكر فيها.  
وطالما باعتقادكم بأن الصوم هو للتقرّب من الله او للتكفير عن الذنوب؟!!! فهل يا ترى يسوع صام للتقرّب من الله، أليس هو ابن الله؟!!! وهل هو خاطئ لكي يكفّر عن ذنوبه؟!! إذاً،فما حاجته للتوقف عن الأكل؟!!!!
إذا لو صحيح أن التوقف عن الأكل يقرّبكم من الله أو يغفر أخطاءكم، فكان دعا يسوع تلاميذه للتوقف عن الأكل. لو 5: 33وقالوا له: «لماذا يصوم تلاميذ يوحنا كثيرا ويقدمون طلبات وكذلك تلاميذ الفريسيين ايضا واما تلاميذك فياكلون ويشربون؟
توجد شريعة لصيام الجسد وهي فقط عندما، الفكر يكون يفكر. إن كان في بالكم ما يشغل تفكيركم فهنا فقط الجسد يرتفع ويسكت عن متطلباته للأكل ،لأن غذاءه يكون الإنجذاب إلى الفكر. هذه هي شريعة صوم الجسد، بحيث يترفّع عن كل شيء. عندما  الفكر يكون منشغلاً بأفكار ،يمكن أن تكون النفس تحاسب ذاتها،يمكن أن يكون يفكر بإبداع، يحضّر ليكتب شعراً، يرسم صوراَ ويهندس لبناءٍ ما.... في هذه الحالة الجسد يترفّع لينجذب إلى الفكر.
وهذا لأن الفكر هو الأسمى في الكيان الإنساني، والجسد يعرف هذا ويرتفع لينجذب إليه فيكون يكرّمه ويحترمه وينصت إليه... إلى أن ينتهي من المحاضرة الفكرية فيرجع الجسد ليعمل ويطبّق الفكرة.
وعندما ينتهي أو يتوقف الفكر عن التفكير،فلا يعود الجسد منجذباً إلى الفكر فيرجع لكي يطلب حاجاته، إذاً، الجسد يحترم الفكر ويقوم بما يتوجب عليه من دون ضغط أو قهر أو إذلال وفرض عليه بعدم الأكل أو الشرب...لأنه يعرف بأن هذه شريعة للصيام.   

إذاً، الصوم هو عندما الجسد يصغي للمحاضرة الفكرية فيتضامن معها ويأخذ المعلومة ويبدأ العمل بها.


مرسالله